للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما تقولون؛ لأن الجَلَحة (١) لا يكون عليها شعر وهي من الرأس، وليس إذا لم ينبت في موضع شعر لم يكن من ذلك الشيء، ونحن نعلم أن في الوجه مواضع يقل الشعر فيها، ولا ينبت أيضًا، ولا يدل على أنها ليست من الوجه.

فإن قيل: الخط الدائر وراء الأذنين لما لم يكن من الرأس وهو إليه أقرب، والأذنان منه أبعد فهما أولى أن لا يكونا منه.

قيل: الخط الدائر - عندنا - من الرأس، فسقط ما قلت.

فإن قيل: عندكم أنهما لو سقطتا في الطهارة على طريق النسيان لم يكن عليه إعادة الصلاة (٢)، ولو سقط موضع من الرأس بيقين لأعاد الصلاة.

قيل: اليسير من الرأس الذي لا يعرف بعينه قد تركه ناسيًا فعليه الإعادة على ظاهر قول مالك، وكذلك يجب في الأذنين بحق القياس، إلا أننا نفرق بينهما بفرق، وهو أن الأذنين قد وقع الخلاف فيهما هل هما من الرأس أو لا؟ ولم يقع الخلاف في بعض من أبعاض الرأس هل هو منه أو لا؟. فيجوز إذا نسي مسح أذنيه أن لا يعيد الصلاة؛ للخلاف فيهما هل هما من الرأس أو لا (٣)؟


(١) قال في القاموس (١/ ٢٦٨): "والجلحة محركة: انحسار الشعر عن جانبي الرأس". وانظر أيضًا النهاية (١٥٩).
(٢) انظر الذخيرة (١/ ٢٦٤).
(٣) قال ابن عبد البر: "وقد كان بعض أصحاب مالك يقول: من ترك سنة من سنن الوضوء أو الصلاة عامدًا؛ أعاد، وهذا عند الفقهاء ضعيف، وليس لقائله سلف، ولا له حظ من النظر، ولو كان ذلك كذلك؛ لم يعرف الفرض الواجب من غيره. وقال بعضهم: من ترك مسح أذنيه فكأنه ترك مسح بعض رأسه، وهو ممن يقول بأن الفرض مسح بعض الرأس، وأنه يجزئ =

<<  <  ج: ص:  >  >>