للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أننا نعلم أن ما وراء الكعبين ليس من جنس الكعبين، وما دونهما لا وجودًا ولا حكمًا؛ لأنه في الوجود على هيئة وصورة تخالفانه، وفي الحكم قد فرق بينهما، وذلك أن الله - تعالى - لما أوجب قطع رجل المحارب أوجب القطع من المفصل، وهو أسفل الكعبين، ولا تدخل الكعبان في القطع، فقد علمنا أيضًا أنهما ليسا من جنس الرجل في الحكم.

ثم مع هذا فقد غسل ما وراء الكعبين بماء الرجل، وهي المفروضة على ما قلتم، وكذلك يكون للأذنين حكم وصورة تخالفان الرأس، ويكون مسحهما بماء الرأس على حسب ما قلتموه فيما وراء الكعبين والمرفقين.

وكذلك أيضًا ما وراء المرفقين يخالف جنس ما قبلهما في الهيئة والصورة، والمفصل منه دون المرفقين، ومع هذا فقد غسل بماء الذراعين.

فإن أردتم أن اسم اليد والرجل يتناول الجميع منعناكم منه، وقلنا: حقيقة اليد إلى الكوعين، كما قال الله تعالى ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ (١)، القطع من الكوع، وكذلك الرجل فيما دون الكعبين، كما قيل في المحاربين: ﴿أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾ (٢).

ثم لو انطلق الاسم على الجميع مع خلافه في الصورة لكان منطلقًا في اسم الرأس عليه وعلى الأذنين، وإن كانتا مخالفتين له في الصورة والحكم على ما بينه النبي بقوله: "الأذنان من الرأس" (٣).


(١) سورة المائدة، الآية (٣٨).
(٢) سورة المائدة، الآية (٣٣).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>