للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فينبغي أن تمسح بماء الرأس، كما قلتم فيما وراء الكعبين إلى المرفقين، والمسنون في اليدين التبدئة من أطراف الأصابع إلى المرفقين، وفي الرجلين كذلك؛ لأن ما وراء المرفقين والكعبين من المسنون، بل واجب على ما بيناه.

ويجوز أن نقول: إنه أصل ممسوح بالماء في الطهارة، فوجب أن يمسح مع الرأس، أصله أبعاض الرأس، ولا يلزم عليه الخف؛ لأنه ليس بأصل، وإنما هو بدل.

فإن قيل: إن فعل الوضوء نوعان: غسل، ومسح، ثم الغسل منه واجب، ومنه سنة منفردة هي المضمضة والاستنشاق، فكذلك المسح لما كان منه واجب وجب أن يكون منه مسنون منفرد، وليس - عندكم - مسنون منفرد في المسح.

قيل: إنما سنت المضمضة والاستنشاق لأن داخل الأنف والفم باطن، والأذنان ظاهرتان، ولم تسن للرأس سنة منفردة في المسح، ألا ترى أن اليدين والرجلين فرضهما الغسل، ولم تسن لهما سنة منفردة، لظهورهما ولا باطن فيهما، وبالله التوفيق.

واستدل الزهري بقوله في سجوده: "سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره" (١).

فأضاف السمع إلى الوجه، والمعنى عندنا: سجد ذاتي (٢).


(١) أخرجه مسلم (٧٧١/ ٢٠١).
(٢) أو يكون من باب إضافة الشيء إلى ما يجاوره كما يقال: بساتين البلد. انظر شرح مسلم للنووي (٦/ ٥٠) والتمهيد (٣/ ٧٣ - ٧٤) والذخيرة (١/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>