للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثبت جواز تقديم مسح الرأس على اليدين بالواو.

ثم لو ثبت أنه للتعقيب لكان المراد أن تقع جملة الطهارة عقيب القيام إلى الصلاة؛ لأن الطهارة لا تتم إلا بغسل الأعضاء كلها، ومسح الرأس فيها، ولكن لا يصح الابتداء في اللفظ بعد إذا إلا بالفاء، فلو قال: إذا قمتم إلى الصلاة فامسحوا برؤوسكم لم يكن إلا كقوله: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾، فإذا كان كل واحد من الأعضاء لا تتم الطهارة إلا به لم يكن بعضه بالتقدمة أولى من بعض.

على أننا نقلب هذا عليهم فنقول: إن كان المراد غسل الوجه عقيب القيام من أجل الفاء التي للعقب فنحن نقول: إذا قدم غسل الأعضاء وأخر الوجه إلى آخرها وقع غسله عقيب القيام إلى الصلاة، فينبغي أن نكون نحن أسعد بهذا منكم؛ لأنه إذا تم لنا هذا في الوجه فليس أحد يفرق بينه وبين سائر الأعضاء.

فإن قيل: إن الواو - عندنا - للترتيب لغة وشرعًا، فأما اللغة فإن الفراء قال: الواو للترتيب لا للجمع (١)، وكذلك قال أبو عبيد القاسم بن سلام؛ لأنه ذهب إلى أن الترتيب في الوضوء واجب، واستدل بالآية وأن الواو فيها


(١) نقله عنه في مغني اللبيب (١/ ٢٢٢) واستغربه، وكلامه في معاني القرآن (١/ ٣٩٦) يفيد عدم الترتيب، وعبارته: "فأما الواو فإنك إن شئت جعلت الآخر هو الأول، والأول هو الآخر".
وقد نبه الشاطبي على هذا فقال: "وبعضهم يحكي عن الفراء المخالفة في هذا، وليس بصحيح؛ إذ قد نص في معاني القرآن له على ما نص عليه غيره من عدم التزام الترتيب، لكن الأصوليين يحكون الخلاف في المسألة، فلعله ناشئ من جهتهم". المقاصد الشافية (٥/ ٧٠). "وقال المراعي: قرأت جميع كتب الفراء فلم أجد هذه الحكاية فيها". التجريد (١/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>