للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقتضي الترتيب (١)، وحصل فيها خلاف بين أهل اللغة.

وأما الشرع فإنه روي أن النبي سمع رجلًا يقول: من أطاع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال له النبي : "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى" (٢).

فلما لم يرتب الرجل ذكر النبي على ذكر الله تعالى نهاه عنه، وأمره أن يرتب ذكر النبي على ذكر الله - تعالى - فقال: "قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى"، فدل على أن الواو للترتيب؛ إذ لو لم تكن للترتيب لكان معنى الجمع الذي نهاه عنه موجودًا في قوله: "ومن يعص الله ورسوله" (٣).

وقد روي أنه قيل لابن عباس: إنك تقدم العمرة على الحج، والله تعالى قدم الحج على العمرة فقال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ﴾ (٤)، فقال: كما قدمتم الدين على الوصية، والله تعالى قدم الوصية [على الدَّين] (٥).

فسلم ابن عباس للقوم أن تقديم ذكر الحج على العمرة يقتضي تقديم فعله عليهما، ولكن ذكر أنه تركه لدلالة قامت له، كما تركوا ذلك لدلالة


(١) انظر الطهور له (٣٥٤ - ٣٥٥)، وقصّر المحقق فأحال على الأوسط.
(٢) أخرجه مسلم (٨٧٠/ ٤٨).
(٣) نحوه للبيهقي في الخلافيات (١/ ٤٧٦ - ٤٧٧).
(٤) سورة البقرة، الآية (١٩٦).
(٥) زيادة ليست في الأصل، وبها يتضح المعنى.
والحديث أخرجه الشافعي في الأم (٥/ ٢١٨) والبيهقي في الكبرى (٦/ ٤٣٨) وفي المعرفة (٥/ ٨٩) وهو على شرط الشيخين؛ فإن هشام بن حجير أخرج له البخاري في الصحيح، وقال فيه ابن حجر في التقريب (٥٧٢): صدوق له أوهام.

<<  <  ج: ص:  >  >>