للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (١)، فدل على أن الواو عند ابن عباس تقتضي الترتيب، وكفى به من أهل اللغة.

فالجواب أن نقول: أما قولكم: "إن الفراء قال: إن الواو للترتيب" فإنه لم يقل: إن موضوعها لذلك، وإنما أراد أنها قد تكون للترتيب، ونحن لا نمنع من ذلك، والدليل على أنه أراد ذلك لا الموضوع هو أنه لو كان موضوعها لذلك كحروف الترتيب لدخلت حروف الترتيب في كل موضع تدخل الواو فيه، كما يدخل كل حرف من حروف الترتيب المَدخل الذي يدخله الآخر، فلما كان قول القائل: "تشاتم زيد وعمرو" لا يصح دخول "الفاء" و"ثم" فيه علمنا أن موضع ذلك مختلف.

وأما أبو عبيد فيجوز أن يكون استدل بالآية لا من حيث الموضوع.

وأما قول النبي للخطيب ما قال فلا دلالة فيه؛ لأن النبي لم يحب أن يجمع بينه وبين ربه - تعالى - في كناية واحدة، وأحب أن يقدم ذكر الله - تعالى - على ذكره، ثم إذا قدم ذكر اسم الله - تعالى - عليه فبدلالة العقل يعلم الترتيب هاهنا، ونحن لا نمنع أن تدخل الواو في موضع للترتيب بدلالة.

والدليل على أن النبي أراد ما قلنا لا الترتيب هو أن الله - تعالى - قد جمع بين نفسه وبين رسوله في كناية واحدة، قال: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ (٢).


(١) سورة النساء، الآية (١٢).
(٢) سورة التوبة، الآية (٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>