الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم، فإذا غسلتموها فصلوا؛ لأنه قد تخلل بينها المسح الذي هو خلاف الغسل، فدل هذا على أن الواو هاهنا للترتيب.
قيل: أول ما في هذا أنه ينقلب عليكم في الترتيب؛ لأن الواو تسقط عند الكناية إذا قال: الق زيدًا، ثم عمرًا، ثم خالدًا، ثم بكرًا، فإذا لقيتهم فافعل كذا، وفي هذه الآية لا يمكن هذا؛ لأنه لا يصح أن يقول: اغسل وجهك، ثم يديك، ثم امسح برأسك، ثم اغسل رجليك، فإذا غسلتها فصل؛ لأجل ما قد تخلل بين أعضاء الغسل من المسح، فسقط السؤال.
وإنما لم يصح في الوجهين جميعًا للمخالفة كما قلت في الصفة، فإن أراد الكناية في اللفظ الواحد، وهو إما الغسل وإما المسح لم يصح، ولكن قد يجتمعان في كناية هي غير اللفظ، وهو أن تقول في كناية الجمع والترتيب جميعًا: إذا فعلت ذلك أو بهما فافعل كذا وكذا، فاستوى البابان جميعًا في هذه الكناية، وفي الامتناع من تلك الكناية، والله أعلم.
فإن قيل: لو كانت الواو للجمع لكان يقول: اغسلوا وجوهكم مع أيديكم، ولكان تقدير الكلام: فاغسلوا وجوهكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم إلى الكعبين، وهذا مما لا سبيل إليه، ولا دليل عليه.
قيل: لو قال تعالى: فاغسلوا وجوهكم مع أيديكم أو إلى المرافق لكان يجب علينا أن نغسل وجوهنا مع أيدينا في حال واحدة، بماء واحد، ولكنه أراد منا أن نغسل كل واحد على حدته بماء جديد، غير أننا بأي أعضائنا بدأنا أجزأ، ولو أراد الترتيب على ما تقولون لأتى بحرف من حروف الترتيب.