للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فإن قائلًا لو قال: خير الناس أبو بكر والنبي لقبح قوله، فعلم أن الواو للترتيب.

قيل: هذا لا يلزم، وذلك أنه لا يحسن أن يبدأ بذكر أحد من أمة النبي قبل ذكره إذا أريد الخبر عنه وعنهم، ألا ترى أن النبي لو دخل هو وعلي على فاطمة في حال واحدة لما حسن أن تقول: جاءني علي والنبي، فتقدم ذكر علي على ذكره ، ولو بدأت بذكر النبي قبل ذكر علي لما دل ذلك على أن النبي جاءها قبل علي ؛ لأنهما قد جاءاها معًا، ولما كان النبي خير البشر لم يحسن أن يقال: خير الناس أبو بكر والنبي؛ لأنه يكون تسوية بينهما، وهذا كله قد فرغنا منه، وقلنا: إننا لا نمنع أن تدخل الواو للترتيب في مواضع بدلالة.

فإن قيل: إن الخبر الذي رويتموه من قول النبي : "قل ما شاء الله ثم شئت" (١) لا دلالة فيه؛ لأن الواو للترتيب، لكنه أراد من القائل أن تكون بين مشيئة الله - تعالى - وبين مشيئته مهلة، لا أن تكون مشيئته مقرونة تتلو مشيئة الله تعالى ولا عقيبها، ألا ترى أنه أتى بحرف ثم - التي هي للتراخي والمهلة - فقال له: "قل: ما شاء الله ثم شئت" (٢)، فهذا هو المقصود، لا أن الواو للجمع.

قيل: هذا غلط؛ لأن الرجل لما أتى بالواو التي هي للجمع بالغ النبي في النكير عليه بأن قال له: "قل: ثم شئت"، كما إذا جلس الدنيء مع


(١) تقدم تخريجه (٢/ ١٢٧).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>