للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: رأينا في الآية تقديم بعض الأعضاء على بعض، ورأينا النبي قد رتب، وأجمعت الأمة على أن من توضأ ورتب أجزأه، ولم يجمعوا على أن من ترك الترتيب أجزأه، فعلمنا أن المراد من الآية الترتيب، إذ لو كان المراد غيره لما أجمعوا عليه؛ لأنهم لا يجمعون على الخطأ الذي هو خلاف المراد.

قال القاضي أبو الحسن: وأول ما سمعت هذا الفصل من القاضي أبي حامد بالبصرة، فكلمته عليه بما أذكره، فقلت له: هذا ينقلب عليك مثله في الموالاة وترك التفرقة، وفي مسح بعض الرأس، وذلك أن الله تعالى أمر بغسل هذه الأعضاء، وبمسح الرأس، وتوضأ النبي ووالى، ومسح بجميع رأسه وأجمعت الأمة [على أن من توضأ ولم يفرق ومسح جميع رأسه أنه يجزئه، ولم يجمعوا] (١) على أن من فعل خلاف ذلك أنه يجزئه، فعلمنا أن المراد بالآية ما أجمعوا عليه [من الموالاة واستيفاء مسح جميع رأسه؛ إذ لو كان المراد غيره لما أجمعوا] (٢) عليه؛ لأنهم لا يجمعون على خلاف المراد، وهذا حذو النعل بالنعل.

على أن النبي قد رتب تارة، وترك الترتيب تارة، على ما رويناه، كما روى عندك أنه مسح جميع رأسه تارة، ومسح ببعضه تارة، ولم يكن إجماعهم على أحد الفعلين أنه يجزئ، واختلافهم في الفعل الآخر أنه لا يجزئ يسقط عندك جواز ما اختلفوا فيه.

دليل لنا: وهو أننا وجدنا الصحابة قد أجازوا ذلك، ولا نجد بينهم


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>