للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى المرفقين.

فإن قيل: فقد قرئ: "وأرجلِكم" بالخفض، فنسق على مسح الرأس، فينبغي أن يكونا ممسوحين كالرأس، ويكون العطف على ما يليه من الرأس أولى من عطفه على اليدين.

قيل: قد حصلت القراءتان جميعًا حجة لنا، فالنصب والتحديد إلى الكعبين ظاهر في العطف على اليدين، ومن قرأ بالجر خفض بالمجاورة؛ لأن من شأن العرب أن تتبع اللفظ اللفظ على المجاورة (١)، كقولهم: هذا جحر


= أما قراءة النصب؛ فلا إشكال فيها؛ لأن الأرجل فيها معطوفة على الوجه، وتقرير المعنى عليها: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وأرجلكم إلى الكعبين، وامسحوا برؤوسكم".
وإنما أدخل مسح الرأس بين المغسولات محافظة على الترتيب؛ لأن الرأس يمسح بين المغسولات، ومن هنا أخذ جماعة العلماء من وجوب الترتيب في أعضاء الوضوء حسبما في الآية الكريمة.
وأما على قراءة الجر؛ ففي الآية الكريمة إجمال، وهو أنها يفهم منها الاكتفاء بمسح الرجلين في الوضوء عن الغسل كالرأس، وهو خلاف الواقع للأحاديث الصحيحة الصريحة في وجوب غسل الرجلين في الوضوء، والتوعد بالنار لمن ترك ذلك، كقوله : "ويل للأعقاب من النار".
اعلم أولًا أن القراءتين إذا ظهر تعارضهما في آية واحدة؛ لهما حكم الآيتين، كما هو معروف عند العلماء، وإذا علمت ذلك، فاعلم أن قراءة ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالنصب صريح في وجوب غسل الرجلين في الوضوء، فهي تفهم أن قراءة الخفض إنما هي لمجاورة المخفوض مع أنها في الأصل منصوبة بدليل قراءة النصب، والعرب تخفض الكلمة لمجاورتها للمخفوض، مع أن إعرابها النصب أو الرفع … ". إلى آخر كلامه ، فقد أطال النفس في هذا الأمر، فراجعه فإنه مهم.
(١) وما ذكره بعضهم من أن الخفض بالمجاورة معدود من اللحن الذي يتحمل لضرورة الشعر =

<<  <  ج: ص:  >  >>