للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا فحملهما على الغسل أولى؛ لأن فيه المسح وزيادة عليه.

ووجه آخر: وهو أن معنا من الأخبار ما لا يحتمل غير ما نقول، وذلك أنه روي أن النبي قال للأعرابي: "توضأ كما أمرك الله، واغسل وجهك ويديك، وامسح برأسك، واغسل رجليك" (١).

وهذا موضع تعليم، فذكر فيه أن الذي أمره الله به هو الغسل دون غيره.

وأيضًا قوله في الخبر الآخر: "لن تجزئ عبدًا صلاته حتى يسبغ الوضوء، فيغسل وجهه ويديه، ويمسح برأسه ويغسل رجليه" (٢).

فقوله: "لن يجزئ"، نفي للإجزاء إلا بما ذكره من الغسل.

وهذان خبران يصلح الاستدلال بهما في أصل المسألة، ويصلحان ببيان موضع المراد من الآية.

ووجه آخر: وهو أن الوجه إنما أمرنا بغسله لكثرة مباشرته الأشياء، من الشموس، والغبار والرياح، وغير ذلك، وأمرنا بغسل اليدين لكثرة العمل بهما ومباشرة الأشياء، والرأس في أكثر أحواله مغطى، لا يكاد أن


= "والعرب تطلق المسح على الغسل أيضًا، وتقول تمسحت بمعنى توضأت، ومسح المطر الأرض أي غسلها، ومسح الله ما بك أي غسل عنك الذنوب والأذى، ولا مانع من كون المراد بالمسح في الأرجل هو الغسل، والمراد به في الرأس المسح الذي ليس بغسل، وليس من حمل المشترك على معنييه، ولا من حمل اللفظ على حقيقته ومجازه؛ لأنهما مسألتان كل منهما منفردة عن الأخرى، مع أن التحقيق جواز حمل المشترك على معنييه، كما حققه الشيخ تقي الدين أبو العباس بن تيمية في رسالته في علوم القرآن، وحرر أنه الصحيح في مذاهب الأئمة الأربعة ". أضواء البيان (١/ ٢٦٣).
(١) تقدم تخريجه (٢/ ٨).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>