قلت: ويمكن أن يجاب عنه بأن من رأى المسح لم يوجب الاستيعاب كما تقدم نقله عن ابن عبد البر، وأيضًا فإن في إحدى رواياته في صحيح مسلم (٢٤١/ ٢٦): "وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء"، فذكر الحديث. وهذا يدل على أن مخرج الحديث عن ترك إيعاب الغسل لا المسح. وقال ابن عبد البر: "وأوضح من هذا ما في حديث عبد الله بن الحارث: "ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار". ومعلوم أن المسح ليس شأنه الاستيعاب، ولا خلاف بين القائلين بالمسح على الرجلين أن ذلك على ظهورهما لا على بطونهما، فتبين بهذا الحديث بطلان قول من قال بمسح القدمين؛ إذ لا مدخل لمسح بطونهما عندهم، وأن ذلك إنما يدرك بالغسل لا بالمسح". التمهيد (٢/ ٤١٢) وانظر أيضًا الفتح (١/ ٤٩٥ - ٤٩٦). وينبغي التنبيه أن ابن رشد ﵀ إنما رد الاستدلال بالحديث على الغسل، لا أنه يقول بجواز المسح، وهذا ظاهر من كلامه. والله أعلم. (٢) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع. (٣) تقدم تخريجه (٢/ ٦٦).