فإن قيل: إن الله تعالى أمر بغسل هذه الأعضاء في الآية، فمن غسلها مجتمعة قيل: قد غسلها، وإذا غسلها متفرقة قيل: قد غسل أعضاءه، فإذا كان يسمى غاسلًا لأعضائه سواء فرق أو جمع فقد امتثل المأمور به.
قيل: عنه جوابان:
أحدهما: أننا قد ذكرنا أن الأمر يقتضي المبادرة والفور في جملة الطهارة في كل عضو منها.
والجواب الآخر: هو أنه إذا غسل وجهه وصبر لا يقال: قد غسل أعضاءه، ولا بعد أن يغسل يديه ثم يؤخر الباقي يقال: قد غسل أعضاءه، حتى إذا غسل أعضاءه كلها قيل على الإطلاق: قد غسل أعضاءه.
وأما إذا غسل وجهه وأخر الباقي قيل: قد غسل وجهه حسب، وقد قلنا: إن التفريق على هذا الوجه يخرج إلى حد التواني واللعب الممنوعين في دين الله ﷿.
فإن قيل: فإن الاتفاق قد حصل لو قدم جملة الطهارة من ضحوة من النهار للظهر أجزأه، وهذا قبل توجه الأمر عليه، فإذا جاز تقديم الكل على زمان الأمر كان تقديم بعض الأعضاء على زمان الأمر وتأخير البعض إلى وقت الأمر أولى بالجواز.
وتقدير ذلك: أن يغسل وجهه ويديه ضحوة النهار، وإذا زالت الشمس غسل الباقي، فيكون قد حصل غسل وجهه ويديه قبل زمان الأمر بغسلهما، وحصل مسح الرأس وغسل الرجلين بعد وقت الأمر بهما.