للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: هذا لا يلزم، وذلك أن الآية خوطب بها من قام إلى الصلاة وهو محدث أن يوقع غسل كل عضو على المبادرة، فثبتت الموالاة، وصار لكل عضو في المبادرة به حكم صاحبه، وهو أن يقع الثاني مواليًا للأول، فإذا ثبت في الثاني أن يكون عقيب الأول، وثبت في الثالث أن يكون عقيب الثاني فمتى قدمنا الكل لم يتغير حكم كل عضو عما ثبت فيه من موالاته لصاحبه، وليس كذلك إذا قدمنا البعض وأخرنا البعض؛ لأنه يزول الحكم الذي كان يثبت فيه من أن يتلو كل عضو صاحبه.

يبين هذا: أن الصلاة الواحدة يتناولها قوله: "صلوا" (١)، ولفظه لفظ الأمر، والأمر يتوجه إلى الركعة الثانية كتوجهه إلى الأولى، وإن الفور في الثانية كهو في الأولى، فلا بد من أن تقع عقيبها وموالية لها، فإن ثبت فيها هذا الحكم لم يجز أن يتغير عنه حيث وقعت، ألا ترى أن صلاة الظهر إذا أخر وقتها أوقعت كذلك متوالية، ولو قدمت في أول وقتها لكانت كذلك حتى لا يتغير وقت الموالاة فيها، ولو جاز إيقاعها قبل الزوال لما جازت إلا كذلك من أجل ما ثبت فيها من الموالاة.

فإذا كان هذا هكذا سقط السؤال.

ويجوز أن يستدل في الأصل بكون الحدث حاصلًا بيقين، فمن زعم أنه يزول بالوضوء المتفرق فعليه الدليل.

وأيضًا فإن النبي توضأ بالموالاة، فمن خالف فعله كان مردودًا


(١) لعله يشير إلى حديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي". وسيأتي تخريجه في كتاب الصلاة (٤/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>