للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما في المصاحف.

والجواب الثاني: هو أنه غير جائز أن يكون المراد غير المصحف؛ لأن من لا يتوهم عليه غير الطهارة لا أن يصح يتوجه عليه هذا الخطاب (١)، وليس للملائكة حال غير حال الطهارة، فدل أن المراد به ما ذكرناه.

فإن قيل: لو أراد ما ذكرتم لقال: إلا المتطهرون.

قيل: من تطهر بالماء يكون متطهرا ومطهَّرا، ولأنه قد يصح أيضا أن يطهره بالماء غيره فيقال: قد تطهر وهو مطهَّر.

فإن قيل: إنما أراد الله - تعالى - بالمطهر الذي قد ارتفعت درجته، كقوله في عيسى : ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (٢)، أي مبعدك من هؤلاء الأنجاس، فكذلك أراد الملائكة هاهنا؛ لأنهم مميزون ممن يلحقهم التنجيس والتطهير.

قيل: فينبغي أن يكون هذا فضيلة القرآن؛ لأنه قال: ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فلا ينبغي أن يمسه منا إلا طاهر؛ لأن [هذا] (٣) التنبيه على فضيلته يوجب ذلك.

فإن قيل: نحن إذا جعلنا قوله: ﴿لَا يَمَسُّهُ﴾ خبرا لا يجوز أن يوجد بخلاف مخبره حملناه على الحقيقة إذا كان خبرا عن الملائكة في اللوح


(١) هذا إذا حملنا لفظ الآية على أن المراد به النهي، وأما على إرادة الخبر؛ فليس هناك خطاب لهم. فتنبه.
(٢) سورة آل عمران، الآية (٥٥).
(٣) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>