للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجه آخر وهو أن المشرك ليس بنجس البدن (١)، وإنما هو مبعد لدينه؛ لأن أصل النجس هو المبعد (٢)، ألا ترى أنه لو كان نجسا في بدنه لم يطهر باعتقاد الإسلام، وإذا حمل على المشرك لم يكن للاستثناء والتخصيص معنى ولا فائدة، إذ ليس للمشرك حالة طهارة.

ثم لو أراد المشرك وأن لا يحمله إلا مؤمن لقال: "لا يمسه إلا مؤمن"، فلما أتى بذكر طاهر الذي صفته زائدة على كونه مؤمنا علمنا أنه أراد المؤمن إذا كان متطهرا؛ لأننا نعلم أنه لا يحكم له بالطهارة إلا بعد تقديم الإيمان منه، كما لو قال: "لا يمسه إلا مصل"، فلا يكون مصليا صلاة شرعية إلا بعد كونه مؤمنا.

وأيضا فإنه نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيدي المشركين (٣)، الذين لا يجتنبون الأنجاس، ولا تصح لهم طهارة، ولا يعظمون حرمته، فينبغي أن نعظم حرمته، ولا نمسه إلا على طهارة.

وأيضا فلنا إجماع في المسألة، لأنه روي عن علي أنه سئل عن المحدث: أيمس المصحف؟ فقال: لا.

وروي "أن عمر تسمّع على أخته وهي تقرأ سورة طه، وزوجها


(١) وهو مذهب الجمهور، وخالف في ذلك ابن حزم رحمه في المحلى (١/ ١٣٧ - ١٣٨) وانظر بدائع الصنائع (١/ ٣٧٣) أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٤٦٨ - ٤٦٩) أحكام النجاسات (٢٣٥ - ٢٣١).
(٢) انظر اللسان (نجس).
(٣) أخرجه البخاري (٢٩٩٠) ومسلم (١٨٦٩/ ٩٢) كلاهما من حديث ابن عمر، والتعليل في مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>