للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الاعتبار: أنه ممنوع من الصلاة بمعنى فيه، فوجب أن لا يجوز له مس المصحف، كالمشرك.

وأيضا فإنه ممنوع من الصلاة لمعنى تعلق حكمه بيده، فوجب أن يمنع من مس المصحف بتلك اليد ما دام على صفته تلك، أصله إذا غمس يده بنجاسة لا يجوز مسه بها.

وأيضا فإن الجنابة لما منعت من دخول مكان الصلاة (١) منع الحدث من نفس الصلاة.

وأيضا فإن مباشرة ما قد تناهت حرمته لا يجوز مع كونه محدثا، كالطواف.

وأيضا فإن الأصول تشهد لقولنا، وذلك أن الحدث حدثان: أعلى وأدنى، وللمصحف حرمتان: أعلى وأدنى، فلما منع الحدث الأعلى -وهو الجنابة- عن الحرمة العليا وهي القراءة فكذلك يجب أن يمنع الحدث الأدنى من الحرمة الدنيا، وهي حمل المصحف ومسه، وهذا إذا سلم لنا أن الجنب لا يقرأ؛ لأنه - عندهم - يقرأ (٢).

فإن قيل: فقد كتب النبي إلى قيصر كتابا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئا،" (٣)، وكتب إليهم آيتين، مع علمه بأنهم يمسونه


(١) سيناقش المصنف هذه المسألة (٣/ ٢٠٤).
(٢) وعليه فيبطل هذا الأصل، ولا حاجة له هنا، وستأتي هذه المسألة مفصلة.
(٣) أخرجه البخاري (٧) ومسلم (١٧٧٣/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>