للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلو منعت من القراءة لأدى ذلك إلى أن تنسى ما تحفظه من القرآن، أو لا تتعلم القرآن أصلا (١).

وعلى أن بإزاء قياسهم قياسنا عليها لو كانت طاهرة أو محدثة بغير جنابة، ويكون قياسنا أولى؛ لأن ردها إلى حالها فيما تعتاد في الأغلب، وكونها محدثة وحائض أولى من ردها إلى الجنابة.

فإن قيل: فإن حدث الجنابة أخف من حدث الحيض، ألا ترى أن الجنابة لا تمنع من الجماع، ولا من الصوم، والحيض يمنع من ذلك، فلما منع أخف الحدثين من قراءة القرآن فلأن يمنعه الحيض أولى وأحرى (٢).

ولأن كل معنى يمنع منه الجنابة يمنع منه الحيض كالصلاة.

قيل: الحيض الذي يأتي من قبل الله - تعالى - قد أثر في إسقاط الصلاة عنها، فخفف عنها بأن جوز لها القراءة، ومع هذا فإنه ينافي الصوم، فلما لم


= أبي يعلى أنه قال: ذكر هذا الحديث عبد الرحمن بن أبي حاتم البستي في كتاب السنن له. كذا قال، وابن أبي حاتم ليس هو بستيا، إنما هو رازي، وليس له كتاب يقال له السنن.
تنبيه: في قريب من المعنى ما اتفقا عليه من حديث أبي سعيد قال: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ فذلك من نقصان دينها". ورواه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ: "تمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في شهر رمضان، فهذا نقصان دينها". ومن حديث أبي هريرة كذلك، وفي المستدرك من حديث ابن مسعود نحوه، ولفظه: "فإن إحداهن تقعد ما شاء الله من يوم وليلة لا تسجد لله سجدة".
قلت: وهذا وإن كان قريبا من معنى الأول؛ لكنه لا يعطي المراد من الأول، وهو ظاهر من التفريع والله أعلم، وإنما أورد الفقهاء هذا محتجين به على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما، ولا دلالة في شيء من الأحاديث التي ذكرناها على ذلك، والله أعلم". اهـ.
(١) أجيب بأنه يحصل المقصود بالتفكر بالقلب، وسيجيب عنه المصنف بعد قليل.
(٢) انظر الفتح (٢/ ٨٣) والحاوي الكبير (١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>