للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فحصل الخلاف بيننا وبين أبي حنيفة على الرواية الأولى عنه في الاستقبال والاستدبار جميعا في البنيان] (١).

واستدل أصحابه بأربعة أخبار:

أحدها: ما روى الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال: قال رسول الله : "إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولكن ليُشرّق أو ليُغرّب" (٢).

قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض جعلت إلى القبلة، فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله (٣).

قالوا: موضع الدليل منه: أنه نهى عن استقبال القبلة واستدبارها، فهو عام في كل المواضع.


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.
(٢) محمول على محل يكون التشريق والتغريب فيه مخالفا لاستقبال القبلة واستدبارها، كالمدينة التي هي مسكن رسول الله وما في معناها من البلاد، ولا يدخل تحته ما كانت القبلة فيه إلى المشرق أو المغرب. أفاده ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (١/ ٥٤) وانظر أيضا الفتح (٢/ ٢٣١).
(٣) أخرجه البخاري (١٤٤) ومسلم (٢٦٤/ ٥٩) وقوله: "ونستغفر الله" قيل: "نستغفر الله لباني الكنيف على هذه الصورة الممنوعة عنده، وإنما حملهم على هذا التأويل أنه إذا انحرف عنها؛ لم يفعل ممنوعا فلا يحتاج إلى استغفار، والأقرب أنه استغفار لنفسه، ولعل ذلك لأنه استقبل واستدبر بسبب موافقته لمقتضى النهي غلطا أو سهوا، فيتذكر فينحرف ويستغفر الله.
فإن قلت: فالغالط والساهي لم يفعلا إثما، فلا حاجة به إلى الاستغفار. قلت: أهل الورع والمناصب العلية في التقوى قد يفعلون مثل هذا بناء على نسبتهم التقصير إلى أنفسهم في عدم التحفظ ابتداء، والله أعلم". إحكام الأحكام (١/ ٥٥ - ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>