للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فإنه مستقبل بفرجه الكعبة من غير ضرورة فوجب أن لا يجوز، دليله الصحراء.

وأيضا فإن ما تعلق بحرمة الكعبة لا يفترق الحكم فيه من البنيان والصحاري كاستقبال القبلة للصلاة، فإنه يجب فيها جميعا.

وأيضا فإنه ليس في البنيان أكثر من حصول حائل بينه وبين الكعبة، وهو الحائط والسترة، وهذا لا يمنع من وجود المنع منه والنهي عنه، بدليل أن الصحاري تحول فيما بينه وبين الكعبة جبال، وأبنية، وحيطان، وأشجار، وغير ذلك، ثم كان المنع من استقبالها واستدبارها موجودا ثابتا.

قيل: أما قياسكم على الصحاري والفضاء فإن المعنى فيهما أنها لا تخلو من مصل في الغالب (١)، فلم يجز خيفة أن تظهر عورته للمصلي، وليس كذلك البناء؛ لأنه يمنع من النظر إليه، فلهذا جاز.

وقولكم: "إنما تعلق بحرمة الكعبة يستوي فيه حكم الصحراء والبنيان كاستقبال القبلة للصلاة" فإننا نقول: هذا قياس بحكم مجهول لا يصح؛ لأنه لا يمكنكم إظهار حكمه؛ لأنكم إن قلتم: يستوي فيه البنيان والصحاري في الوجوب لم تجدوا ذلك في الفرع؛ لأن من الفرع عندكم المنع والترك.

وإذا قلتم بالمنع في الفرع لم تجدوه في الأصل؛ لأن حكمه على الوجوب.

وعلى أنه قياس فاسد في الموضوع؛ لأن الفرع إنما يرد إلى الأصل


(١) انظر ما تقدم نقله عن ابن العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>