للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليجعل حكم الفرع حكمه، وإن كان حكمه الوجوب جعل حكم الفرع الوجوب، وإن كان حكم الأصل السقوط كان حكم الفرع مثله، فأما أن يكون حكم الأصل بالضد من حكم الفرع فلا يكون قياسا صحيحا.

ثم إننا نفرق فيما يقع بحرمة الكعبة بين الصحاري والبنيان، ألا تري أنه لا يجوز له في البنيان ترك القبلة في الصلاة أصلا مع القدرة، وإذا كان مسافرا فبان من البيوت جاز له ترك القبلة في النوافل.

وقولكم: إن الحائل بينه وبين القبلة في الصحاري من الجبال وغيرها لم يمنع من أن يكون ممنوعا من الاستقبال والاستدبار، فكذلك الحائل في البنيان لا يمنع أن يكون ممنوعا منه، إذ لو أباح له هذا لأباحه له في الصحاري.

فجوابه: أننا نحن لم نجوز له الاستقبال والاستدبار في البنيان لوجود الحائل بينه وبين القبلة، ولكن لوجود الحائل بينه وبين مصل يراه في الغالب، ويرى عورته (١)، وهذا المعنى معدوم في الصحاري، فإن وجد هذا المعنى فيها [جاز، مثل أن يجعل في وجهه شيئا يكون سترة له عند حاجته فإنه يجوز] (٢) له أن يبول مستقبلا.

وجملة الأمر: هو أنه قد روي في هذا الباب أخبار تفيد الحظر على العموم، وأخبار تقتضي الإباحة، فمن قال بالحظر في الصحراء والبنيان أسقط أخبار الإباحة، ومن قال بالإباحة فى الموضعين جميعا أسقط أخبار الحظر،


(١) تقدم أن ابن العربي أبطل هذا، وقد بين أن السبب هو حرمة القبلة، وذكر لذلك أدلة. انظرها في كتابه القبس (٦/ ٤٨٥ - ٤٨٧) وانظر أيضا إحكام الأحكام (١/ ٥٣).
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>