روي أنه ﷺ قال:"من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا خرج"(١).
وقوله "من استجمر فليوتر"، خبر عن من فعل، ليس فيه: استجمروا وأوتروا.
وقوله "فلا حرج"، راجع إلى الجميع من الاستجمار والإيتار؛ لأنه لو صرح فقال:"من استجمر فليوتر، من فعل الاستجمار والإيتار فقد أحسن، ومن لم يستجمر ويوتر فلا حرج لصح.
فإن قيل: إنما ورد الخبر بهذا اللفظ؛ لأن الغسل هو الأصل فقال: من عدل إلى الاستجمار فليوتر.
وقوله: "فليوتر" أمر واجب، فإذا عدل إلى الاستجمار وجب الإيتار.
قيل: فقد صار الكلام في وجوب الإيتار.
وأيضا فإن الغسل في الأصل لم يثبت، وهو الذي زعمتم أنه أصل، ثم لو ثبت لدل هذا الخبر على أنه غير واجب؛ لأنه لما قال: إن عدل إلى الاستجمار فقد أحسن، وإن لم يفعله فلا حرج، فإذا كان لا حرج في تركه مع العدول إليه دل على أن الغسل أيضا ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجبا لكان الذي عدل إليه من الاستجمار واجبا؛ لأنه تخيير بين الغسل والاستجمار، فأنتم بين أمرين: إما أن تسقطوا الاستجمار وتوجبوا الغسل، وليس هذا مذهبكم، وإن سقط وجوب الاستجمار سقط حكم الغسل في الوجوب، ويكون التخيير إنما هو -عندنا- في المسنون، وهو الغسل أو الاستجمار.