للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يذكر له شيئا غير ما ذكره، وهو موضع تعليم، وبين له القدر الذي أمره الله به، فمن فعل ذلك فقد امتثل المأمور به، فلا يلزمه غيره إلا بدليل.

ولنا أن نفرض المسألة فيمن أخطأ أو نسي غسل النجاسة حتى صلى. قال النبي : "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" (١).

وهذا عام في رفع الحكم والمأثم؛ لأن المراد الحكم؛ لأن الفعل قد وقع فلا يمكن رفعه، بل ينبغي أن يحمل على رفع الحكم في الفساد والقضاء، لا على رفع المأثم؛ لأن رفع المأثم معلوم من [غير] (٢) هذا الخبر، فلا يحمل كلامه إلا على ما يعلم من جهته بهذا الخبر، حتى تكون فيه فائدة مستأنفة، وهو الحكم الشرعي (٣).


(١) الحديث بهذا اللفظ تكرر في كتب الفقهاء والأصوليين، قال ابن حجر قال ابن حجر في التلخيص (١/ ٢٨٣): "ولم نره بهذا اللفظ عند جميع من أخرجه، نعم رواه ابن عدي في الكامل (٢/ ١٥٠) بلفظ: رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا، الخطأ، والنسيان، والأمر يكرهون عليه". وفيه جعفر بن جسر وأبوه ضعيفان".
قلت: ورواه ابن عدي في الكامل (٥/ ٢٨٢) عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: "عفي لي عن أمتي الخطأ والنسيان والاستكراه". وفيه عبد الرحيم بن زيد العمي، وهو ضعيف، بل كذاب. وأخرجه ابن ماجه (٢٠٤٥) عن ابن عباس بلفظ:" إن الله وضع عن أمتي .. ". ومن حديث أبي ذر (٢٠٤٣) بلفظ: إن الله تجاوز عن أمتي … ".
ولا يخلو طريق منها من مقال، لكن يقوي بعضها بعضا، وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان (١٤٩٨) وابن حزم، وحسنه النووي، وضعفه أبو حاتم الرازي وأحمد. وانظر جامع العلوم والحكم (٤٩٠ - ٤٩٢) التلخيص (١/ ٢٨١ - ٢٨٢) والإرواء (٨٢).
قلت: ويغني عنه ما رواه مسلم (١٢٦/ ٢٠٠) عن ابن عباس: لما نزل قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، قال الله: قد فعلت". والله أعلم.
(٢) زيادة ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٣) انظر جامع العلوم والحكم (٤٩٣ - ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>