ولنا أيضا: القياس على المستحاضة إذا صلت فإن صلاتها مجزئة، فكذلك إذا صلى من به نجس، والمعنى فيه: أنه مصل بجميع شرائط الصلاة، غير أن عليه نجاسة لم يتعمد تركها لغير تأويل.
فإن قيل: المستحاضة معذورة، بها ضرورة، ولا يمكن زوالها حتى يزول الوقت.
قيل: هذا منتقض بمسألة فرع؛ وذلك أن رجلا لو أقعد في ماء نجس إلى نصفه أو إلى حلقه، ومنع أن يخرج منه أياما، وأوقات الصلاة تحضر، وهو لا يقدر أن يتوضأ إلا بالماء النجس، وهو لا ينفك من النجاسة عليه، وهو مع هذا يخالف المستحاضة -عندكم-؛ لأنكم إما أن تقولوا: يصلي ويعيد، أو لا يصلي في الحال، ويصلي إذا تخلص، أو لا يصلي أصلا.
فأما أن يصلي ويجزئه كالمستحاضة فلا نظنه قولكم؛ لأنه كالمحبوس في الحش (١)، وقولكم فيه معروف، وضرورة هذا أشد من ضرورة المستحاضة.
فإن قيل: فإن الدليل قد قام على وجوب إزالة الأنجاس، وهو قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾.
والثياب في الإطلاق ما جرى به العرف، والتطهير بما علمناه في الشرع أنه من نجس.
قيل: الجواب عن هذا من وجوه:
(١) وهو أنه يصلي ويعيد وجوبا في الجديد وهو الأصح، واستحبابا في القديم. انظر المجموع (٤/ ٢٣٦).