للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجواب آخر: وهو أن حقيقة قولنا: "طهر ثوبك": إنما هو أمر لمن في ثوبه نجس، ولا يقول أحد: إنه كان في ثوب النبي نجس، فيحمل قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ على معنى بعِّدها من النجس (١)، وهكذا نقول.

وهذا مثل قوله تعالى في عيسى : ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (٢)، أي مبعدك منهم.

فإن قيل: يحتمل أن يكون كان في ثيابه شيء من نجس.

قيل: ويحتمل أن لا يكون، فلا نوجب شيئا بمحتمل.

وجواب آخر: هو أن التطهير اسم مشترك، فلا نجعل هذا لنجاسة إلا بدليل، وقد قيل: إنه لما أمر بتطهير الثياب قبل اجتناب الرجس دل على أن المراد القلب؛ لأنه محال أن يؤمر بإزالة النجاسة عن ثوبه أو بدنه قبل اجتناب الرجس، وقبل أن تفرض عليه الصلاة التي لأجلها أمر بتطهير الثياب.

فإن قيل: فإن النبي أمر بصب الماء على بول الأعرابي (٣)، وأمره على الوجوب.

وكذلك في [حديث] (٤) دم الحيض حيث قال لأسماء: "حتيه، ثم اقرصيه، ثم اغسليه بالماء" (٥).


(١) انظر أحكام القرآن (٤/ ٣٤٠ - ٣٤١) لابن العربي.
(٢) سورة آل عمران، الآية (٥٤).
(٣) أخرجه البخاري (٢١٩) ومسلم (٢٨٤/ ٩٤).
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.
(٥) تقدم تخريجه (٢/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>