للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" (١).

وهذا إخبار منه عن تعذيبه بسبب البول، وتوعد وتحذير لمن يسمع ذلك، فثبت بهذا أن الإزالة فرض.

قيل: هذا إخبار عن عين واحدة، واللفظ قد اختلف فيه، فقيل: "لا يستبرئ وقيل: "لا يستنزه" (٢)، فأما "لا يستبرئ" فيحتمل أن يكون يدع البول يسيل عليه، فيصلي بغير طهر؛ لأن الوضوء لا يصح مع وجوده.

ويجوز أن يكون أيضا يفعل ذلك على عمد له بغير عذر، وعندنا أن من تعمد ترك سنن النبي بغير عذر ولا تأويل متوعد مأثوم.

وكذلك من لم يستنزه ويتعمد استعمال النجس ولا يجتنبه، فأما إذا لم يتعمد ذلك، أو ترك إزالته متعمدا أو لعذر فصلاته ماضية، وقد أساء، ألا ترى أننا قد ذكرنا حديث المستحاضة (٣)، وحديث عمر أنه صلى وجرحه يثعب دما (٤)، وكذلك تأول أكثر أصحابنا في الناسي إذا صلى وفي ثوبه نجس أو في بدنه جعله معذورا بالنسيان كالمستحاضة، وقالوا في العمد لغير عذر: لا تجوز الصلاة، وتعاد في الوقت وغيره.


(١) رواه البخاري (٢١٦) ومسلم (٢٩٢/ ١١١)، والرواية الأولى لمسلم.
(٢) وقيل لا يستنزه، وهي رواية الأكثر، ومعناه أنه لا يجعل بينه وبين بوله سترة، يعني لا يتحفظ منه، فتوافق رواية "لا يستنزه" لأنها من النزو وهو الإبعاد، وقد وقع عند أبي نعيم في المستخرج من طريق وكيع عن الأعمش: لا يتوقى" وهي مفسرة للمراد. الفتح (١/ ٥٨٥).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٢٥٤).
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>