للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن كان هذا هكذا فالمعذور لا يلحقه الوعيد، وإنما يلحق القاصد لغير عذر.

فإن قيل: فما الفرق بين الفرض والسنة إذا كنتم توجبون الإعادة في ترك الفرض في الوقت وغيره، وتوجبونها في السنة كذلك؟.

قيل: الفرق بينهما هو أنه إذا صلى وقد ترك فرضا أعاد الصلاة، سواء تعمد ذلك، أو نسي، أو لعذر، وإذا صلى وترك السنة لضرورة أو نسيان لم يعد، فأما إذا تعمد لغير عذر أو تأويل أعاد أبدا، كما لو ترك الفرض.

مثال هذا: لو فاتته صلاة العيد، ونام عن الوتر حتى طلعت الشمس لم يعد، ولو تعمد ترك ذلك أعاد الوتر (١).

فأما العيد فسنتها الجماعة، فإذا فاتت لم تجب إعادتها إذا تركها عمدا (٢)، كما لو تعمد ترك الجمعة (٧٦) لم يعدها جمعة.

فإن قيل: فقد بان بهذا أن الموالاة في الوضوء والغسل مسنونة (٣)؛ لأنه يمضي مع النسيان، وإن كان يعيد مع العمد إذا صلى.

قيل: قد بينا أن في الفروض مثل ذلك، ألا ترى أن الإمساك عن الأكل


(١) هو خلاف ما نص عليه مالك في المدونة فيما تقدم، وقال القاضي عبد الوهاب: "من طلع الفجر عليه ولم يوتر فليوتر ما لم يصل الفجر، فإن صلاها فلا يوتر؛ لأنه ما لم يصل الفجر يكون وقته متصلا بما هو وتر له، فإذا صلى الفجر؛ فقد حال بينه وبين صلاة من غير جنسه ففات وقته". المعونة (١/ ١٧٨).
(٢) قال ابن عبد البر: "ومن فاتته صلاة العيد صلاها إن أحب في وقتها وعلى سنتها". الكافي (٧٩) وهو نص مالك في المدونة (١/ ٣٣٧) ولم يفرق بين العمد والفوات.
(٣) تقدمت هذه المسألة (٢/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>