للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإن الماء أبلغ في الإزالة؛ بدليل أنه لا يبقي حكم النجاسة، وإنما الاستنجاء يخفف قذرها، ولا ينقي أثرها، فإذا سقط التكرار في موضع إزالة الأثر كان سقوطه في الموضع الذي لا يقصد به إزالة الأثر أولى؛ لأنه أخف.

وأيضا فإنه مقام تطهير هو أصل، فأشبه التيمم ومسح الخفين، لا يستحق التكرار فيه.

وأيضا فإن المقصود من المسح الإنقاء، بدليل الاتفاق على أنه إذا لم ينق بثلاثة زاد عليها، وبدليل الاتفاق على جواز الاقتصار على حجر واحد له ثلاثة أحرف (١)، ولو كان العدد معتبرا لاعتبر عدد الأعيان، كأحجار رمي الجمار (٢)، فلما سقط اعتبار العدد دل على اعتبار الإنقاء، وقد وجد، فبان بما ذكرناه سقوط العدد.

وإذا ثبت ذلك صح أنه في الأصل غير واجب؛ لأن من أوجب الاستنجاء لم يوجبه إلا على هذه الصفة.

وأيضا فإن الاستنجاء اسم لإزالة النجو (٣)، ومنه اشتق، فإذا زال بالحجر


(١) لعله يقصد الاتفاق بينه وبين الشافعي، وهذا هو الظاهر؛ لأنه في معرض الرد عليه، وأما إن كان مقصوده إطلاق الاتفاق؛ ففيه نظر؛ لأنه تقدم نقل الخلاف في ذلك عن أكثر المدنيين من أصحاب مالك، وقال بعدم الإجزاء الإمام أحمد في رواية عنه كما تقدم. وممن نقل الاتفاق فغلط؛ المرغيناني صاحب الهداية (١/ ٢١٤ - ٢١٥).
(٢) قال النووي: "وفرقوا بينه وبين رمي الجمار في الحج بحجر له ثلاثة أحرف فإنه لا يحسب له إلا حجر واحد؛ لأن المقصود هناك عدد الرمي، والمقصود هنا عدد المسحات". المجموع (٣/ ٥٣).
(٣) والنجو ما يخرج من البطن. انظر الصحاح (نجا) واللسان (نجا).

<<  <  ج: ص:  >  >>