للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحرة والأمة وأم الولد؛ لأن عدة أم الولد على - أصولهم - عدة (١)، ولم يعتبر فيها العدد وإن روعي في الحرة، وإنما اختلف حكم العدة لاختلاف الحُرَم (٢)، كالحدود، وطلاق الحر والعبد، ولم يكن الاستنجاء لأجل الحرم معتبرا؛ لأنَّه يستوي فيه الحر والعبد، والحرة والأمة؛ لأن الفرض فيه التخفيف للنجاسة، فحيث وجد إلقاء العين وقلعها دون أثرها جاز، ألا ترى أن الحرة والأمة قد اشتركا في وضع الحمل، واعتبرا فيه جميعا اعتبارا واحدا؛ لاستوائهما في الاستبراء، فكذلك لما استوى الغرض في الاستنجاء وهو تخفيف النجاسة بقلع عينها لم يعتبر فيه العدد.

فإن قيل: فإن الاستنجاء بالأحجار كالعدة بالأشهر والأقراء، والاستنجاء بالماء كالعدة بوضع الحمل؛ لأن الماء يزيل العين والأثر على الحقيقة، ووضع الحمل براءة للرحم على اليقين، فوجب أن لا يثبت قولكم بالشهور والأقراء، وإنما هي دعوى.

على أننا نقول لكم: أليس قد جاز الاستجمار الذي يقطع العين دون الأثر في أن الاستنجاء يقوم مقام الماء في ترك العدد؟

قيل: إنكم لم تذكروا معنى تجمعون به بين الاستجمار وبين العدد، فقد صار الغرض منه قلع العين حسب، كما أن الغرض من الماء قلع العين والأثر، فإذا لم يعتبر العدد فيما قصد له من قلع العين والأثر لم يعتبر العدد فيما أريد له من إزالة العين دون الأثر؛ لأن الغرض زوالها دون أثرها.


(١) انظر روضة الطالبين (٨/ ٤٢٥).
(٢) الحرم، نساؤك وما تحمي، وهي المحارم، الواحدة محرمة كمكرمة، القاموس (٤/ ١٠٧) وهي المكانة، أي أن حرمة الحرة أعظم من حرمة الأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>