ثم إن الذي يدل على صحة هذا هو أن العين إذا لم تزل بالثلاث زاد عليها حتى تزول العين دون الأثر، وقد استوى الأمران في سقوط العدد في قلع العين، بل الموضع الذي عفي فيه عن الأثر أولى أن يسقط فيه العدد، والموضع الذي أخذ عليه قلع العين والأثر أولى أن يعتبر فيه العدد؛ لأن ما تعاظم من حكم الشيء - عندكم - أولى من زيادة العدد فيه، كولوغ الكلب اعتبرتم فيه العدد ولم تعتبروه في غيره.
ثم نقول أيضا: إذا كان زوال العين دون الأثر قد يزول بأقل من ثلاثة أحجار مع جواز أن يكون الأثر قد زال، ويجوز أن لا يزول فليس هاهنا أمر متحقق، فينبغي أن ترد هذه الزيادة على الحجر والحجرين إذا أزال العين إلى غسل اليد عند الاستيقاظ من النوم قبل إدخالهما في الإناء؛ لأن هناك أمرا مشكوكا فيه لا يتحقق، فيكون غسل اليدين مستحبا (١)، ويكون المسح بالحجر الثالث مستحبا؛ لأنَّه ليس هناك أمر من بقايا العين يتحقق، وهذا من باب الطهارات، وغسل اليدين مثله، وليس كذلك العدة؛ لأنَّه وإن كان الغرض فيها براءة الرحم ففي الموضع الذي يتحقق فيه بوضع الحمل تستوي فيه الأمة والحرة، وفي الموضع الذي لا يتحقق فيه بالأقراء والأشهر إنما هو لأجل الحُرم، مع الاستدلال على براءة الرحم، ألا ترى أن عدة الأمة الزوجة على النصف من عدة الحرة بالأقراء، واستبراء الأمة من وطء سيدها بحيضة، فهي كما ذكرنا، وفي الحدود والطلاق الذي يتكمل بكمال الحرمة، وينقص بنقصانها، وليس كذلك الاستجمار؛ لأنَّه لا يختلف الغرض فيه من الإنقاء في الحر والعبد، وحيث وجد أجزأ.