للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو نقول: إذا خرج الدم من فرج الرجل، وهو شيء نجس خارج من بدنه على وجه المرض فلا يجب فيه الوضوء، أصله دم الرعاف (١)، أو القرحة تكون على ظاهر البدن.

وأيضا فإننا رأينا الأحداث التي تفسد الطهارة في غير الصلاة هي في حال الصلاة أغلظ؛ لأنَّه قد تفسد الطهارة في الصلاة أشياء لا تفسدها في غير الصلاة عند قوم من أهل العلم، مثل القهقهة في الصلاة (٢)، وهذا لغلظ أمر الصلاة، فلو كان دم الاستحاضة حدثا يفسد الصلاة لوجب أن يكون في الصلاة أولى أن يوجب طهارة مستأنفة، فلما وجدنا المستحاضة تصلي وإن قطر الدم على الحصير، ولا تخرج فتتوضاً وجب أن يكون في غير الصلاة أولى أن لا تنتقض طهارتها، ولا يجب عليها طهارة مستأنفة (٣).

فإن قيل: فإننا لو أوجبنا عليها أن تخرج من الصلاة وتتوضأ ودمها متتابع أدى ذلك إلى أن لا تصلي حتى يخرج الوقت.

قيل: وكذلك لو أوجبنا عليها قبل الصلاة أن تتوضأ كلما رأت الدم


= والدُّمّل واحد الدماميل: القروح. الصحاح (دمل).
والفصاد من الفصد، وهو قطع العرق. الصحاح (فصد).
(١) وهذا أيضا لا يتوجه على أبي حنيفة؛ فإن الرعاف ينقض الوضوء عنده، وإنما يتوجه على الشافعي.
(٢) سيأتي الكلام عليها في مسألة مستقلة.
(٣) استحسن هذا الدليل ابن المنذر فقال بعد حكايته المذاهب في هذه المسألة: "وقال بقول مالك ربيعة، والنظر دال على ما قال ربيعة، إلا أنه قول لا أعلم أحدا سبقه إليه، وإنما قلت النظر يدل عليه؛ لأنَّه لا فرق بين الدم الذي يخرج من المستحاضة قبل الوضوء، والذي يخرج في أضعاف الوضوء، والدم الخارج بعد الوضوء؛ لأن دم المستحاضة إن كان يوجب الوضوء؛ فقليل ذلك وكثيره في أي وقت كان يوجب الوضوء .. " الأوسط (١/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>