للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإن المراد بالآية أحد أمرين: إما أن يكون أراد: إذا قمتم من النوم على ما قيل في التفسير، أو وأنتم محدثون على ما قيل فيه أيضا (١)، وهذا لم يقم من النوم، ولا هو - عندنا - محدث.

وأيضا فإنه تعالى قال في سياق الآية ما يدل على ما نقول، وذلك أنه تعالى قال: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾، فكني بالغائط عما ينوب الناس في صحتهم من الحدث الذي اعتادوه، لا عن دم، أو حصى، أو دود؛ لأن هذه الأشياء تكون من البول تجب عن عليه (٢)، وليس لها (٨٦) موضع يقصد، فلا تدخل تحت الكناية بالغائط.

فإن قيل: قد روي في حديث صفوان بن عسال المرادي أنه قال في نزع الخف: "لكن من غائط وبول ونوم" (٣).


(١) وقيل: معني به كل حال قيام المرء إلى صلاته أن يجدد لها طهرا، وقيل: بل كان أمرا من الله لنبيه والمؤمنين به أن يتوضؤوا لكل صلاة ثم نسخ ذلك بالتخفيف.
وقال ابن جرير: "وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: إن الله عنى بقوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ جميع أحوال قيام القائم إلى الصلاة، غير أنه أمر فرض بغسل ما أمر الله بغسله القائم إلى صلاته بعد حدث كان منه نقض طهارته، وقبل إحداث الوضوء منه، وأمر ندب لمن كان على طهر قد تقدم منه، ولم يكن ولم يكن منه بعده حدث ينقض طهارته، ولذلك كان يتوضأ لكل صلاة قبل فتح مكة، ثم صلى يومئذ الصلوات كلها بوضوء واحد، أمته أن ما كان يفعله من تجديد الطهر لكل صلاة إنما كان منه أخذا بالفضل، وإيثارا منه لأحب الأمرين إلى الله، ومسارعة منه إلى ما ندبه إليه ربه، لا على أن ذلك كان عليه فرضا واجبا". انظر تفسير ابن جرير (٤/ ٢٧٣٤ - ٤٧٣٨) وأحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٤٨ - ٤٩).
(٢) هكذا في الأصل.
(٣) أخرجه الترمذي (٩٦) والنسائي (١٥٨) وابن ماجه (٤٧٨) وأحمد (٤/ ٢٣٩) وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>