للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شبهه لها بدم العرق الذي لا غسل فيه ولا وضوء علمنا أنه لم يرد الغسل والوضوء جميعا.

فإن قيل: فقد روي أنه قال لها في بعض الأخبار: "وتوضئي لكل صلاة" (١).

قيل: هذا ليس بصحيح، فإن صح حملناه على طريق الاستحباب بالدلائل التي ذكرناها، أو نحمله على الوجوب إذا كان مثل المرة بعد المرة، إذا ندرت وبينها وبين الحيض زمان لا يحكم له بالحيض، فإن هذا قد يكون عادة في النساء، ولا يكون مرضا فتتوضأ واجبا، فأما إذا كان يجيئها مثلا ساعة وينقطع ساعة فهو مرض، لا يجب عليها فيه الوضوء بل يستحب.

وهذا الذي خرجته يدل عليه قول مالك ؛ لأن ابن القاسم حكى عنه فقال: ومن اعتراه المذي المرة بعد المرة، فليتوضأ، إلا أن يستنكحه (٢) ذلك فإن الوضوء فيه مستحب (٣).

وهذا يدل من قوله على ما ذكرته، فإن لم يحمل على هذا فالمسألة وفاق بيننا وبين الشافعي؛ لأنهم يقولون بوجوب الوضوء في المرة بعد المرة، وإن كان متصلا متتابعا لم يجب على ما حكيته فيما تقدم عن ابن المرزبان (٤).


(١) أخرج هذه الرواية البخاري (٢٢٨) وأعل بأنه معلق، والوقف على عروة، وصحح ابن حجر أنه موصول من كلام النبي انظر الفتح (١/ ٦٠٨). وأفاض في بيان هذه الزيادة ابن الملقن أيضا، فراجع كلامه في البدر المنير (٣/ ١٠٨ - ١١٢).
(٢) أي تكرر ذلك منه وداخله وغلب عليه. يقال: نكح النعاس عينه غلبها. انظر القاموس (١/ ٣٠٩).
(٣) انظر المدونة (١/ ٦٠).
(٤) انظر (٢/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>