للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المس كالنوم الذي ليس بحدث في نفسه، ولكنه في حكم الحدث، وقد افترق حكم النوم في مواضع (١)، كما افترق حكم المس في موضع، فهو به أشبه.

فإن قيل: إن ظاهر مذهبكم يدل على أنه إن مسه بظاهر كفه، أو بذراعه، أو فخذه أنه لا ينقض الوضوء، سواء كان ذلك لشهوة أو غيرها.

قيل: قد اختلفت الرواية في مسه أصلا (٢)، وقد ذُكر ما قلتم، إلا أن المعول على ما بيناه، وما حكي محمول على أن مالكا تكلم على الغالب من أمر الناس، أنهم يقصدون إلى مسه بباطن أيديهم، فأما إذا قصدوا الالتذاذ أو حصل بمسه فلا فرق بين مسه بسائر الأعضاء وبين اليد، كما توافقنا في مس الرجل النساء بباطن يده وبظاهرها (٣)، وبسائر أعضائه؛ لأن المراد أن تقع مماسة تحصل معها اللذة، وقد يخرج الكلام على الغالب ويكون النادر في حكمه إذا حصل المعنى المقصود، كقول الله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ﴾ (٤)، خرج الكلام على الغالب من الربيبة تكون في حجر زوج أمها، وإذا لم تكن عنده، وفي حجره فهي كذلك (٥)، فإذا كان المعنى المقصود هو حصول اللذة بالمماسة فبأي عضو حصلت المماسة مع


(١) سيأتي الكلام على حكم النوم (٢/ ٣٩١).
(٢) انظر ما تقدم (٢/ ٣١٣).
(٣) سيأتي الكلام على نقض الوضوء من مس النساء (٢/ ٣٥٦).
(٤) سورة النساء، الآية (٢٣).
(٥) وعليه قيل بجواز الرهن في الحضر أيضا، وأن ذكر السفر في قوله تعالى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ خرج على الغالب أن المسافر لا يجد كاتبا، ولا يفهم منه. أن الحاضر بخلاف في الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>