للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجعل هذين من جنس الملامسة، و "من" للتبعيض (١)، والألف واللام في الملامسة للجنس.

وقال ابن مسعود: "إذا قبل الرجل امرأته أو مسها انتقض وضوؤه" (٢) استدلالا بالآية.

فبان أن هذا قول آخر من الصحابة، فلم يخالفهم؛ لأن هذين الصحابيين حملاه على الأمرين جميعا (٣).

وأيضا فإن الصحابة اختلفت في المراد بالملامسة على ثلاثة مذاهب: فذهب علي وابن عباس إلى أن المراد به الجماع، وذهب عمر وعمار إلى أن المراد به اللمس، وذهب ابن عمر وابن مسعود في آخرين إلى أن المراد الأمران جميعا، فإذا لم يكن بد من الأخذ بأحد المذاهب فالمصير إلى قول قال: إن المراد بالآية اللمس لا الجماع أولى من وجهين:


(١) وقد تكون للتبيين، وإذا قلت إنها للتبعيض؛ كان هاهنا غير النوعين، وهو المعانقة ومس سائر البدن. التجريد (١/ ١٧٤ - ١٧٥) وورود من للتبعيض كثير، وعلامتها جواز الاستغناء عنها بـ "بعض". وهو هاهنا كذلك. انظر الجنى الداني (٣٠٩)
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٤٩٩) وابن المنذر (١/ ٢٣٠) والدارقطني (١/ ١٤٥) بدون الاستدلال بالآية، وصححه الدارقطني، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه كما ذكر ذلك البيهقي في الخلافيات (٢/ ١٥٨ - ١٦٠) وابن حجر في التقريب (٦٥٦) وأشار له ابن عبد البر أيضا في الاستذكار (٣/ ٢٦٦).
(٣) غاية ما ذكره المصنف هاهنا أنهما عدّا القبلة والمس باليد من الملامسة، وليس في هذا ما يشير إلى أنهما حملاه على الجماع أيضا كما ذكر المصنف.
وقال ابن رشد: "وأما من فهم من الآية اللمسين معا؛ فضعيف، فإن العرب إذا خاطبت بالاسم المشترك إنما تقصد به معنى واحدا من المعاني التي يدل عليها الاسم، لا جميع المعاني التي يدل عليها، وهذا بيّن في نفسه في كلامهم". بداية المجتهد (١/ ٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>