للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ابن عمر وقوله: "قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة" (١) فإنه حمل ذلك على ما سوى الجماع، فقد بقي مما لم يذكره أنواع، مثل المعانقة وغيرها لم يذكرها في قوله، فيصير المذكور مقصورا على ما ذكر، ويبقى ما عداه، فليس لأحد حمله على ما يقوله إلا ولغيره حمله على غيره من الجماع.

قيل: قول ابن عباس : "إن اللمس كناية عن الجماع" (٢) لا يمنع غيره أن يقول: هو صريح في اللمس، ولكن يكنى به عن الجماع، فيكون حمله على صريحه أولى؛ لأنَّه الحقيقة (٣)، ثم لا يمتنع أيضا أن يحمل صريحه على اللمس إذا وقع، ويجعل كناية عن الجماع إذا حصل.

على أن ابن عمر أيضا من أهل اللغة، فقوله: "قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة" (٤) يدل على أن الملامسة اسم جنس، يتناول جميع المس، سواء كان باليد، أو بالفرج، أو بغير ذلك، وأعلمنا أن القبلة والجس من هذا الجنس، فأي نوع حصل من الجنس تناوله اسم اللمس، وهذا جواب حديث ابن عمر.

ونقول أيضا: إن الآية قرئت بقراءتين، فقرأ بعض القراء: "أو لمستم"،


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٣٦٠).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٣٥٩).
(٣) اللمس حقيقة عند الإطلاق ما ذكرت، فأما إذا أضيف إلى النساء؛ صار بالعرف عبارة عن الجماع، كالوطء هو عبارة عند الإطلاق عما وقع بالرِّجل، فإذا أضيف إلى النساء؛ لم يعقل منه إلا الجماع. التجريد (١/ ١٧٦).
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>