للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا خلاف بين أهل اللغة أن اللمس [هو المس] (١) لا الجماع، وهو فعل من واحد، ليس هو من "فاعلتم" كقوله (٩٧) "لامستم" يكون من اثنين (٢).

فإن قيل: فقد قرئت "أو لامستم"، وهذا لا يكون إلا من اثنين؛ لأنَّه فاعلتم، فدل أن المراد الجماع الذي يكون من اثنين.

قيل: فأحسن الأحوال أن يستعمل الحكم بالقراءتين، فتحمل القراءة بـ"لمستم" على المس، وتحمل القراءة على "أو لامستم" في الجماع، والقراءتان كالخبرين (٣).

وأيضا فقد روي عن زيد بن أسلم مذهب حسن في الآية، فقال: ظاهر قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ يدل بظاهره أن نفس المرض والسفر والمجيء من الغائط حدث، وبالإجماع ليس نفس ذلك حدثا، وإنما فيه ضمير "وأنتم محدثون"، ففي الآية تقديم وتأخير.

وترتيبه: أن الله - تعالى - قال: إذا قمتم إلى الصلاة من النوم، أو جاء أحد منكم من الغائط وقد أحدث، أو لامستم النساء فاغسلوا وجوهكم


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.
(٢) قال ابن جرير: "واختلفت القرأة في قراءة قوله ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾، فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة وبعض البصريين والكوفيين ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ﴾ بمعنى: أو لمستم النساء ولمسنكم. وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين ﴿أو لمستم﴾ بمعنى: أو لمستم أنتم الرجال نساءكم، وهما متقاربتا المعنى؛ لأنَّه لا يكون الرجل لامسا امرأته إلا وهي لامسته، فاللمس في ذلك يدل على معنى اللماس، واللماس على معنى اللمس من كل واحد منهما صاحبه، فبأي القراءتين قرأ ذلك القارئ فمصيب لاتفاق معنييهما". (٣/ ٢٣٤٧) وانظر أيضا الجامع للقرطبي (٣/ ١٩٩) إتحاف فضلاء البشر (١/ ٤٨٣).
(٣) انظر ما تقدم نقله عن العلامة الشنقيطي (٢/ ١٦٩ - ١٨٠) .. وانظر التجريد (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>