للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها المذي لا محالة أو يقاربه لبلوغه الغاية في الشهوة.

قيل: إذا كان جنس المس تكون منه الشهوة وجب أن يعتبر المس لشهوة، سواء قل نوعه في المس أو كثر، ألا ترى أن الإيلاج في أوله له هذا الحكم، وكلما بالغ في الإيلاج كان أبلغ في الشهوة، والحكم فيه واحد، فكذلك ينبغي أن يحكم في المس لشهوة باليد وبغيرها، كما يحكم به في المباشرة الفاحشة، وإن كان لهما فضل في الشهوة.

ثم لو كان الحكم يختلف لسأله النبي عن تفصيله (١)، فلما لم يسأله وأوجب الوضوء لم يختلف.

ومما يدل على أن إطلاق اللمس يتناول المس باليد دون الجماع ما رواه عكرمة عن ابن عباس أن الأسلمي أتى رسول الله فاعترف بالزنا، فقيل في بعض الأخبار: إنه قال له: "لعلك قبلت أو لمست" (٢)، فأطلق اللمس، فلو كان للجماع على ما يقول أبو حنيفة لم يكن في هذا فائدة؛ لأنَّه يكون قد قال لمن اعترف بالجماع: لعلك جامعت، ولا يجوز هذا من النبي، ، فلما فرق النبي بين قول الرجل: زنيت، وبين قوله "لمست" علمنا أن اللمس غير الجماع، والنبي سيد أهل اللغة، وبحضرته سادات في اللغة يقول: "لعلك لمست"، فلا يقول أحد منهم: يا رسول الله! اللمس الجماع، فلما سكتوا مع إطلاقه علم أن إطلاق اللمس في لسانهم هو المس دون الجماع.


(١) وترك الاستفصال في موضع الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ الدارقطني (٣/ ١٢٢) وأحمد (١/ ٢٣٨)، وأخرجه البخاري (٦٨٢٤) لكن بلفظ: "لعلتك قبلت أو غمزت".

<<  <  ج: ص:  >  >>