للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك روت عائشة أنه "ما كان من يوم إلا ورسول الله يطوف علينا فيقبل ويلمِسُ، فإذا جاء إلى من هي في يومها أقام عندها" (١).

وعائشة من المعرفة باللغة واللسان بالمكان الذي لا يخفى، فأطلقت اللمس على ما دون الجماع، فبان بهذا أن إطلاق اللمس لما قلناه.

فإن قيل: يجوز أن يكون صريحا في اللمس إذا أطلق لما ذكرتم، ثم قد يجعل كناية عن الجماع كما قال ابن عباس، وإذا اختلفوا في حكم المراد بالآية فإما أن تحملوه على الصريح من المس فقد أسقطتم قول من قال: إنه في الآية كناية، أو تحملوه على الكناية فتسقطوا حكم من حملها على الصريح، وهذا لا يسلم لأحد القولين دون الآخر، أو تحملوه على الأمرين فإن الصريح والكناية لا يجتمعان في المراد بلفظ واحد.

قيل: قد أجبنا عن هذا وقلنا: من مس ولم يجامع قلنا: عليك (٩٨) الوضوء للصريح من اللمس، ومن جامع قلنا عليك الغسل؛ لأن من قال: هي كناية عن الجماع لم يقل: إن من فعل ما يقتضيه الصريح لا يتوجه إليه.

ووجه آخر وهو أن الجميع - عندنا - صريح على ما بيناه من أن الجنس واحد في المس، وإن كان بعضه أبلغ من بعض، فمن قال: هو كناية أراد أنه ليس بالاسم الأخص في الوطء؛ لأن اسم الجماع أخص به وإن كان لمسا،


(١) أخرجه أبو داود (٢١٣٥) والحاكم (٢/ ٢٣٢) والبيهقي (٧/ ١١٨) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد لا يحتمل تفرده. قال ابن حجر في التقريب (٣٦٠): "صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد".
وفي رواية أحمد (٦/ ١٠٨: "كان رسول الله ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا امرأة امرأة، فيدنو ويلمس من غير مسيس، حتى يفضي إلى التي هو يومها، فيبيت عندها".

<<  <  ج: ص:  >  >>