للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في بلوغ اللذة، فقال لهم من بإزائهم: إن دواعيه من الملامسة؛ لأنهم قالوا: قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة، أفترى أنهم قصدوا قبلته على طريق التحنن والرحمة إذا هي بكت فقبل رأسها، كما يفعل بأمه وابنته؟، وأرادوا إذا جسها بيده لمداواة أو غيرها؟، هذا لا يظن بهم، وإنما يكون الشيء من جنس الشيء إذا كان معناه فيه أو يقاربه، وليس تقارب قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة التي هي الجماع إلا إذا كان لشهوة.

وهذا أمر إذا راعيناه اطرد في كل مس للشهوة على كل وجه من كل أحد؛ لأن فيه معنى من اللذة المقصودة بالجماع، والمخالف لا يطرد قوله في كل كل مس لا يكون لشهوة؛ لأنَّه ينوعه في ذات المحارم، وفي الأصاغر، ويقول في بعضه قولين، وعلى وجهين (١)، فيخرج عن مراعاة قول أحد ممن تقدم، وقولنا يصير كالعلة المستمرة في الطرد والعكس، كما قلنا لهم في تطهير الماء وتنجيسه: إن العلة التغير بالنجس، فيطرد في قليل الماء وكثيره، وبارتفاعها يكون الماء طاهرا في قليله وكثيره (٢).

فإن قيل: إن قول من قال من الصحابة: "قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة" لم يقل كل الملامسة، فاللمس للذة من الملامسة، ولغير لذة من الملامسة أيضا.


= من ذلك واجبا؛ لكان النبي يأمر بذلك مرة بعد مرة، ويشيع ذلك، ولو فعل؛ لنقل ذلك عنه ولو بأخبار الآحاد، فلمالم ينقل عنه أحد من المسلمين أنه أمر أحدا من المسلمين بشيء من ذلك - مع عموم البلوى به؛ علم أن ذلك غير واجب". مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٣٦).
(١) انظر المجموع (٢/ ٦٣٠ - ٦٣٢).
(٢) ستأتي هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>