للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجوز أن تكون هذه الزيادة ذهبت على أولئك؛ لأنه يجوز أن ينسوها، وراوينا لم ينسها.

وعلى أننا نحمل خبرهم في الوضوء على الاستحباب، وخبرنا على نفي الإيجاب وجواز تركه.

وعلى أنه لو لم يطعن على حديث أبي العالية (١) في الضرير لما صح متنه؛ لأن الله -تعالى- وصف الصحابة بالرأفة والرحمة، فقال: ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ (٢)، فإن كانوا بهذه الصفة لم يجز أن يضحكوا في مثل هذا؛ لأنه موضع بكاء لا موضع ضحك (٣)، وقد جوزنا حمله على الاستحباب.

على أن مذهبكم أن من قهقه في صلاته خرج فتوضأ وبنى (٤)، وفي هذا


= أبو شيبة إبراهيم بن عثمان عن يزيد بن أبي خالد فرفعه، وأبو شيبة ضعيف، والصحيح أنه موقوف". وانظر تنقيح التحقيق (١/ ٢٩٦ - ٢٩٧).
(١) أي في سنده.
(٢) نحوه لابن المنذر (١/ ٣٣٤).
(٣) فائدة: ذكر الباجي في إحكام الفصول (٢/ ٧٥٨ - ٧٥٩) في باب ترجيح الأخبار من جهة المتن: أن يكون أحد الخبرين ينفي النقص عن أصحاب رسول الله ، والثاني يضيفه إليهم، فيكون الذي ينفيه عنهم أولى، مثل أن يستدل المالكي في أن الضحك لا ينقض الوضوء بما روى جابر عن النبي أنه قال: "الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء"، فيعارضه الحنفي بما روي عن أبي المليح عن أبيه قال: بينا .. وساق حديث أبي العالية. ثم قال: فيقول المالكي: خبرنا أولى؛ فإن خبركم فيه إضافة نقص وقسوة إلى الصحابة بأن يشتغلوا عن الصلاة بالضحك من رجل تردى في بئر، هذا مع ما كانوا عليه من الإقبال على الصلاة، وضد ما وصفهم الله به من التراحم والتعاطف فقال: ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ ".
(٤) ليس كذلك، بل مذهبهم عدم البناء، وفرقوا بين القهقهة والكلام وبين الحدث، فقالوا في المحدث يتوضأ ويبني على صلاته، وفي المتكلم والمقهقه بطلت صلاته وعليه أن يستأنفها.
انظر المبسوط (١/ ٤٢٦) والأوسط (١/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>