للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فإن الأصول مبنية على اليقين، فمن ذلك ما وري أن النبي قال: "إذا شك أحدكم في صلاة فلم يدر أصلى ثلاثا أو أربعا فليين على يقينه" (١).

وكذلك لو شك هل طلق أو لا لم يلزمه الطلاق؛ لأنه على يقين نكاحه (٢)، وهذا لو شك هل أصاب بدنه أو ثوبه نجس أو لا فإنه يبني على يقين طهارته.

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أننا قد أريناكم في الأصول العمل على الشك، مثل عتق العبد الآبق في الكفارة، وغير ذلك.

والجواب الآخر: هو أن الذي ذكرتموه في الصلاة عروضه أن يشك في الطهارة هل غسل الأربعة الأعضاء أو الثلاثة منها؟ فإنه يبني على اليقين،


(١) أخرجه مسلم (٥٧١/ ٨٨).
(٢) طرفة روى ابن الملقن في التوضيح (٤/ ٤٩) عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول قال: جاء رجل إلى أبي حنيفة فقال: شربت البارحة نبيذا فلا أدري أطلقت امرأتي أم لا؟ فقال له: المرأة امرأتك حتى تستيقن أنك طلقتها. قال: فتركه ثم جاء إلى سفيان الثوري، فسأله، فقال: اذهب فراجعها فإن كنت قد طلقتها فقد راجعتها، وإلا فلا تضرك المراجعة، فتركه وجاء إلى شريك فقال له: اذهب فطلقها ثم راجعها. فتركه وجاء إلى زفر فسأله فقال: هل سألت أحدا قبلي؟ قال: نعم، وقص القصة، فقال في جواب أبي حنيفة: الصواب قال لك، وقال في جواب سفيان: ما أحسن ما قال، ولما بلغ إلى قول شريك ضحك مليا، ثم قال: لأضربن لهم مثلا: رجل مر بمثعب يسيل دما، فشك في ثوبه هل أصابته نجاسة؟ قال له أبو حنيفة: ثوبك طاهر حتى تستيقن، وقال سفيان: اغسله فإن كان نجسا فقد طهرته، وإلا فقد زدته طهارة، وقال شريك: بُل عليه ثم اغسله.

<<  <  ج: ص:  >  >>