ولا ينكر أن يجب في الشريعة شيء لأجل الاحتياط، كمن شك في ركعة فلم يدر أهي رابعة أم ثالثة، وكمن شك في صلاة من يوم لا يدري أية صلاة هي فإنه يصلي خمس صلوات، وهذا كله (١٢٣) احتياط حتى يتيقن ما صلى.
فإن قيل: فما تقول في أقطع اليد إذا كان إمرار اليد واجبا عليه، ولم يجزئه الغمس في الماء والصب عليه، كيف يعمل؟.
قيل: قد نص مالك على أن عليه أن يأتي بمن يمر يده عليه، وقال: إن لم ينل شيئا من بدنه بلّ شيئا من ثوبه، وأمّره عليه.
فإن قيل: فإن لم يقدر على شيء من ذلك.
قيل: هذه حال ضرورة، يسقط معها الفرض، فيجزئه الانغماس لأجل خلاف الناس فيه، وهذا كالأمي يصلي بالأميين، يصلي لنفسه إذا لم يجد من يصلي خلفه، وكالعاجز عن القيام يصلي جالسا.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾، ثم قال: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ (١).
وهذا قد اغتسل.
وأيضا ما روي أن أم سلمة قالت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للغسل؟. قال: "لا، إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات