للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجواب آخر: وهو أن هذا القدر من الفعل لا يكفي؛ لأنه معلوم أنه يحثي على رأسه فلا يصيب جميع بدنه، ولا يصل إلى تحت آباطه، وما يغمض منه مما يجب غسله (١)، فصار مفتقرا إلى بيان.

وقوله تعالى: ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ أخص منه.

وجواب آخر: وهو أنه يجوز أن تقوم دلالة تلحق به صفة أخرى، كوجوب النية وغير ذلك، وقد ذكرنا ما هو أخص من هذا من تعليمه الأعرابي، وقوله: "لن تجزئ عبدا صلاته حتى يسبغ الوضوء فيغسل" (٢).

وقد بينا أن للغسل صفة يختص بها في اللغة، وقد نفى الإجزاء إلا بوجودها.

فإن قيل: قد روت عائشة "أنه كان إذا اغتسل من جنابته بدأ بغسل يديه، ثم تنظف الأذى، من ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم خلل أصول شعره بالماء، ثم غرف على رأسه ثلاث غرفات من ماء، ثم أفاض الماء على جلده كله" (٣).

فنقلت غسله مفروضه، ومسنونه، ومستحبه، ولم تذكر الدلك.

قيل: لا يحتاج إلى ذكر الدلك؛ لأن الاغتسال يقتضيه، وهو صفة فيه قد عقل من الآية، وإنما نقلت الأفعال التي فعلها قبل غسله.


(١) وعلى هذا فلا يجب الدلك إلا في المواضع التي قد لا يصل إليها الماء بدون دلك، وهو أخص من الإطلاق الذي يدافع عنه المصنف.
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٨).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>