للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإنه صحيح على ما قلناه؛ لأن "طهورا" عند أهل اللغة اسم لما يتطهر به (١)، كقولهم: "سحور" اسم لما يتسحر به، و "سعوط" (٢) لما يستعط به، ولو كان بمعنى طاهر لقيل لكل شيء طاهر، فكان يقال للإنسان طهور، ويستمر هذا في الثوب، واللحم، والخل، وغير ذلك، وهذا لا يقوله أحد.

وأيضا فإنه لا يكون للماء خصيصة من غيره من المائعات لو قيل فيه: ماء طاهر، فخص هذا الاسم الذي هو طهور ليَبين به من سائر الأشياء، ومن المائعات التي هي طاهرة غير مطهرة.

ثم يستفاد به فائدة أخرى تزيد على كونه مطهرا، وهي المبالغة في تطهيره حتى إنه يتكرر منه التطهير لغيره، كما قيل: رجل شكور وصبور، وسيف قتول، وهذا اسم موضوع لمن يتكرر منه الفعل، فحصل في "طهور" فائدتان: إحداهما: كونه مطهرا لغيره، والأخرى: تكرار ذلك منه.

فإن قيل: فقد حصلت في هذه ثلاثة ألفاظ: طاهر، وطهور، ومطهر، [فبماذا] (٣) جاز لكم أن تحملوا طهورا ومطهرا على معنى واحد.

قيل: إنما نحمل طاهرا على العموم في الماء وسائر الأشياء، ونحمل طهورا ومطهرا على أنهما يفعلان الطهارة في الغير، وتكون كل لفظة منها وإن كانت مشاركة لصاحبتها مرجحة على الأخرى ففي الاسم طهور مبالغة، فوجب تكرار الفعل، وأنتم إذا حملتم طاهرا وطهورا على معنى واحد أسقطتم


(١) فيكون اسما للآلة. انظر القبس (٢/ ٤٧٩).
(٢) دواء يصب في الأنف. الصحاح (سعط).
(٣) في الأصل: فإذا، والمثبت أنسب للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>