للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقام ابن القاسم وأشهب وغيرهما بإرساء معالم المذهب في مصر والذب عنه، بل كانت أول أرض انتشر بها مذهب مالك بعد المدينة (١).

وفي إفريقيا وطد دعائمه علي بن زياد وأسد بن الفرات، وجاء فيما بعد سحنون الذي استقر المذهب في عهده هناك.

ودخل مذهب مالك أيضًا إلى بغداد، وظهر بها ظهورا كثيرا قويا، وكان أول من وطد دعائمه هناك، ومهد لانتشاره القاضي إسماعيل بن إسحاق، الإمام الجليل، ذو القدر النبيل، الذي كان له الأثر العظيم في انتشار المذهب بتلك المنطقة التي عرفت واشتهرت بمذهب أبي حنيفة وأصحاب الرأي، فقد نشر القاضي إسماعيل من مذهب مالك وفضله ما لم يكن بالعراق في وقت من الأوقات، وصنف في الاحتجاج له والشرح ما صار لأهل هذا المذهب مثالًا يحتذونه، وطريقا يسلكونه (٢).

قال القاضي عياض: "وبه تفقه أهل العراق من المالكية" (٣).

وأخذ عن القاضي إسماعيل مجموعة من العلماء، كان من أبرزهم في فقه المذهب ابن المنتاب، وابن بكير، وأبو الفرج القاضي وغيرهم، وتفقه على هؤلاء خلق كثير، كان من أعلاهم منزلة ورتبة الإمام أبو بكر بن صالح الأبهري الذي بقي ستين سنة مدرسا بجامع بغداد، وهي مدة كافية لمزيد من


(١) المدارك (١/ ٢٨).
(٢) وقد قام الدكتور جمال عزون بجمع اختيارات القاضي إسماعيل في كتاب سماه: الاختيارات الفقهية لشيخ المدرسة المالكية بالعراق. والكتاب طبع في مجلدين.
(٣) انظر ترتيب المدارك (٢/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>