للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ماء البحر" (١) فإنه يحتمل تأويلين:

أحدهما: أنه أراد أنني أركب البحر فأعدم الماء، فأتيمم أحب إلي من أن أركب البحر فأتوضأ منه، وهذا لهول البحر وخطره.

ألا ترى أنه لما قال له عمر : صف لي أمر البحر. قال: خلق شديد، يركبه خلق ضعيف، دود على عود، إن ضاعوا هلكوا، وإن سلموا فرَقوا (٢). فامتنع عمر من أن يركبه أبدا.

والتأويل الثاني: هو أن يكون قوله: "التيمم أحب إلي منه" لو كان ذلك يجوز، وقد يحب الإنسان شيئا غير ما يجب عليه، إلا أن الشرع قد منع منه، وأوجب عليه غيره إذا كان ذلك الشيء الذي قد أحبه مما قد كان يجوز أن يتعبد به فلا يمتنع أن يقول: قد كان هذا أحب إلي من هذا.

على أنه لو ثبت ذلك (٣) على ما يذكرونه لقضى عليه قول النبي في البحر وقد سئل: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" (٤).

فإن قيل: فقد روي عنه أنه قال في البحر: "هو نار من نار" (٥)،


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٥٠٦).
(٢) لم أجده عن عبد بن عمرو، والمعروف أن عمر كتب بذلك إلى عمرو بن العاص يسأله عن البحر، فقال ما قال، وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٢١٦)، وهو منقطع بين زيد بن أسلم وعمر.
(٣) وقد تقدم أنه لم يثبت.
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ٥٠٦).
(٥) أخرج أحمد (٤/ ٢٢٣) والبيهقي (٤/ ٥٤٧) من حديث يعلى بن أمية مرفوعا: "البحر هو جهنم". وفي سند أحمد محمد بن حيي، وهو مجهول. وقد جاء عن عبد الله بن عمرو في=

<<  <  ج: ص:  >  >>