الذي يكشف عن هذا: أن الأشياء التي تحدث في الماء فتؤثر في عينه مما ينفك الماء منه - إما من نجس عندنا، أو طاهر - عندنا وعندكم - (١) إذا لم يؤثر في عين الماء لم يغيره عن حكمه في طهارته وتطهيره، فإن لم يكن الاستعمال أولى منه فينبغي أن يكون مثله؛ لأننا نعلم أن تلك الأشياء إذا كثرت غلبت على الماء فغيرت حكمه، والاستعمال لو تكرر أبدا لم يغير عينه، فينبغي أن يكون أولى بأن لا يغير حكمه عما كان عليه.
ونقول أيضا: هو ماء طاهر لاقى جسما طاهرا، أو جرى على جسم طاهر، فجاز أن يسقط به الفرض ثانيا، أصله الماء الذي غسل به ثوب طاهر وبدن طاهر.
ونقول: هو ماء مستعمل لم يؤثر الاستعمال في عينه، فجاز أن يزول به الفرض ثانيا، أصله ما ذكرناه إذا غسل به ثوب طاهر أو بدن طاهر.
وأيضا فإن الماء يستعمل في إسقاط فرض الوضوء، كما يستعمل في إسقاط مسنون الوضوء، وهو التوضؤ في المرة الثانية والثالثة، ثم إن المستعمل في إسقاط المسنون لم يمنع إسقاط الفرض به؛ لأنه لو جمع ماء المرة الثانية والثالثة جاز أن يتوضأ به من حدث، فكذلك المستعمل في إسقاط الفرض.
وأيضا فإن كل ما أسقط به الفرض مرة جاز أن يتكرر في ذلك الشيء، ويسقط فرضا آخر، كالسوط في الحدود، وكالمد في الكفارة، لو عاد إليه جاز أن يكفر به ثانية، وكالبقعة يتيمم عليها، ثم يتيمم ثانية، وكالثوب يصلي