للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه وليغسله سبع مرات" (١).

فأمر بإراقة ما ولغ فيه، وقد يكون المولوغ لبنا وعسلا وغيرهما، فلولا أنه نجس لم يأمر بإراقته؛ لأنه تضييع للمال، وقد نهى عنه (٢).

وأيضا فقد روى أبو هريرة أن النبي قال: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات" (٣).

والطهور إما أن يكون عبارة عن رفع الحدث، أو رفع النجاسة، فلما لم يكن بالإناء حدث علم أن فيه نجاسة (٤).

قيل: أما قولكم: إن النبي حرم الكلب وحرم ثمنه فإن عين الكلب ليست محرمة؛ لأن الأعيان لا تحرم وإنما تحرم أفعالنا فيها. كقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ (٥)، المراد حرم علينا نكاحهن.

فإذا كان المراد تحريم أفعالنا في الكلب فهو عموم، قد أبيح لنا بعضها من الاقتناء للصيد والزرع، والضرع، ولم يدل ذلك على تنجيسها؛ لأن النجس لا يجوز الانتفاع به لغير ضرورة كالبول والخمر.

وأما تحريم ثمنه فإنما هو مكروه (٦) - عندنا - لا واجب.


(١) أخرجه مسلم (٢٧٩/ ٨٩).
(٢) أي عن تضييع المال كما في حديث المغيرة بن شعبة عند البخاري (٦٤٧٣) ومسلم (١٧١٥/ ١٠).
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٩/ ٩١).
(٤) انظر المجموع (٢/ ٦٠٨ - ٦٠٩).
(٥) سورة النساء، الآية (٢٣).
(٦) وهي رواية عن مالك، وجوزه أبو حنيفة مطلقا، ومنعه الشافعي مطلقا، وهو رواية عن مالك، =

<<  <  ج: ص:  >  >>