للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى أنه لم ينص في الكلب على شيء، وإنما قال في الهر: "إنها ليست بنجس" (١)، فاستدلوا بالتنبيه ودليل الخطاب على الكلب، ونحن ننازعهم في النص على الهر وفي دليله، وهل أراد النجس اللغوي أو غيره؟.

فإن قيل: اسم النجس والطاهر إذا أطلقا في الشريعة عقل منه خلاف اللغة، فالصلاة التي هي الدعاء في اللغة، ثم إذا أطلقت في الشرع عقل منها هذه الأفعال المخصوصة.

قيل: إن الأحكام معلقة على الأسماء اللغوية حتى يقوم الدليل على نقلها، وليس إذا نقلت في موضع بدليل ينبغي أن تنقل في كل موضع، ولم تقم - عندنا - دلالة في هذا الموضع أنه أريد به غير اللغوي.

ثم لو ثبت الدليل على ما يذكروه من دليل الخطاب لم يمتنع أن يلحق الكلب بالهر بدليل، وقد ذكرنا دلائل تقدمت تدل على طهارة الكلب، ودليل الخطاب يخص، ويسقط بالدلالة، فإسقاطه هاهنا بالدلالة، ويصير تقديره كأنه قال: الهر ليست بنجس ولا الكلب كما قال تعالى في خبر الصيد: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ (٢)، فالخاطئ بخلافه، ثم قامت دلالة ألحقت الخاطئ بالعامد، فصار تقديره: متعمدا أو مخطئا (٣).


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٥٤٨).
(٢) سورة المائدة، الآية (٩٧).
(٣) في عيون المجالس (٢/ ٨٦٢ - ٨٦٣): "وإذا قتل المحرم الصيد الذي لا يبتدئ بالضرر عمدا أو خطأ؛ وجب عليه الجزاء، وفي العمد يأثم مع وجوب الجزاء، وفي الخطأ لا إثم عليه مع وجوب الجزاء. وبذلك قال أبو حنيفة والشافعي وقال مجاهد: إذا قتله ذاكرا لإحرامه؛ فلا جزاء عليه، وإنما الجزاء على الخاطئ. وقال داود بالضد منه، فقال فيه: إذا كان عامدا فعليه الجزاء، والناسي والخاطئ لا شيء عليهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>